قلم أندرو ك. ب. ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)
لقد جعل مؤتمر الحزب الصيني الغرب يزداد من تلقاء نفسه في الصينو فوبيا “الخوف/كره الصين” وفي ذمه للرئيس شي.
قام الرئيس شي جين بينغ بتشكيل اللجنة الدائمة للمكتب السياسي وغيره من الرتب العليا من الموالين له. وبتأمين ولاية ثالثة غير مسبوقة كرئيس لم يعين “وريثًا واضحًا” متفوقاً علي سابقيه ويبدوا ظاهريًا أنه يعمل على إطالة فترة حكمه ربما مدى الحياة. وعلى أية حال، فهو يعتبر بالفعل الحاكم الأقوى للصين منذ فترة الرئيس ماو. ويبدو أن المعارضة مكبوتة تمامًا لأن المنافسين البارزين من رابطة شباب الشيوعية الأكثر اعتدالًا مثل لي كي جيانج (李克强) ووانج يانج (汪洋) وهو شونوا胡春华 قد هووا جميعًا قبل أن يصلوا العمر الأدنى؛ 68 عام.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم تعديل الدستور الآن ليحتوي على ضمانات ضد استقلال تايوان مما قد يبشر بغزو وشيك للجزيرة.
وللانتهاء من هذه الملحمة المقلقة، شوهد الرئيس السابق هو جينتاو مبتعدًا بشكل غير رسمي خلال إجراءات الكونجرس مما يعلن عن دق المسمار في نعش رابطة شباب الشيوعية (Communist Youth League).
لكن هل تعد كل هذه المخاوف حقيقية؟ ماذا الذي يريده الرئيس شي فعلاً؟ وما هو التوجه الذي تتخذه الصين الآن؟
للإجابة على هذه الأسئلة بالغة الأهمية، من الضروري أن نقوم بكشف حقيقة بعض الخرافات المزعومة.
يضم المكتب السياسي المكون من 24 عضوًا واللجنة المركزية المكونة من 205 عضوًا فئة كبيرة من الأفراد المتعلمين وذوي الخبرة والتي حصل عدد كبير منهم على درجة الدكتوراه في مجالات عدة مثل المحاسبة، العلوم النووية، الطيران، الهندسة الدقيقة، البيئة وشؤون الأقليات. ومن غير الممكن أن يتم جمع كل هؤلاء في مجموعة من المتملقين لـ Xi كما تصورهم وسائل الإعلام الغربية. (1)
لا، الرئيس السابق لم يخرج من اجتماعات الحزب. وتُظهر النسخة الكاملة من مقطع الفيديو (2) بوضوح الرئيس السابق “هو” في شكل مسن ضعيف معروف بأخلاقه المعتدلة والمتحفظة، وقد عُرض عليه بشكل لطيف الخروج من المكان لينال بعض الراحة ويحصل على أدويته بعد التحية الودية القصيرة من الرئيس شي لي كي جيانج. وقد كان من الممكن بالفعل أن يقوم شي بتسوية أي خلافات كبيرة وحلها خلف الكواليس قبل فترة كبيرة من هذا مؤتمر الحزب. فلما قد يحتاج الرئيس شي إلى التعجيل بمثل هذا المشهد في الساعة الحادية عشرة ليراه العالم بينما هو آمن تماماً في طريقه للسيطره.
لا، الصين ليست حريصة على غزو تايوان في أي وقت قريب. ففور زيارة بيلوسي غير المدروسة نشرت بكين صحيفة بيضاء ثالثة بخصوص تايوان تشدد فيها على أولوية التوحيد السلمي. وفي الوقت نفسه تم على الفور إطلاق تمرين عسكري كامل التنسيق ومجهز مسبقًا في جميع مسارح الحرب مما يستعرض القدرة العسكرية لبكين على حصار الجزيرة في حالة حدوث ضغط. لكن تظل الكرة الآن ثابتة في ملعب تايوان والولايات المتحدة كي لا تستمر الصين في دفع ملف سياسة الصين الواحدة وصولاً لنقطة الانهيار.
ومع ذلك، يظل التوحيد بحلول عام 2049 كأقصى تقدير جزءًا أساسيًا من حلم الصين الذي أشار إليه الرئيس شي مرارًا وتكرارًا. ونظرًا لأن تايوان والولايات المتحدة تبدوان عازمتين على تحويل الجزيرة إلى قنفذ عسكري “إستراتيجية دفاعية” مضادة للصين، فمن المحتمل أن نشهد زخمًا متسارعًا من الضغوط الاقتصادية وغيرها من الضغوط من أجل الوصول لمفاوضات مبكرة من أجل التوحيد السلمي.
ويعيش حوالي مليون تايواني ويعملون في البر الرئيسي. وقد يدرك المزيد من التايوانيين في النهاية أن التوحيد السلمي بشروط أكثر سخاء من هونج كونج لن يكون نهاية العالم.
وحتى لو أصبحت الصين صاحبة أكبر اقتصاد في العالم بحلول أوائل عام 2030، فإنها لا تريد ذلك ولا تمتلك القدرة العالمية الكاملة لأن تحل محل الولايات المتحدة كقوة مهيمنة على العالم عسكريًا، مالياً أو دبلوماسيًا.
في مؤتمر الحزب الثامن عشر لعام 2012 أشار الرئيس شي إلى وجد ثلا معضلات وجودية للصين قبل أن تتحسن أوضاعها الخارجية: معضلة تاسيتوس، (3) بسبب انعدام الثقة المحتمل وجوده، معضلة ثوسيديديس، بسبب تنافس القوى العظمى ومعضلة الدخل المتوسط. في عام 2017، أضاف الأستاذ جوزيف ناي من جامعة هارفارد معضلة رابعة، معضلة كيندلبيرجر (4) والتي سببها الافتقار إلى القدرة على الحوكمة العالمية.
يدور مؤتمر الحزب لعام 2022 بالكامل حول زيادة رفاهية الشعب الصيني ونقلها لمرحلة متقدمة، بناء أمة اشتراكية أكثر تقدمًا بحلول عام 2035، أكثر ثراءً، وأكثر قوة، أكثر ديمقراطية، أكثر تحضراً، أكثر انسجاماً، وأكثر جمالاً من الناحية البيئية بحلول الذكرى المئوية لجمهورية الصين الشعبية عام 2049.
وشدد الرئيس شي على أن شرعية الحزب تعتمد كليًا على الشعب بجميع فصائله بجميع القطاعات. رغم تناقض هذا مع الميل نحو المصالح الخاصة والناخبين للحزب السياسي الفائز في الديمقراطيات الغربية المعادية. فلا عجب في أن تقرير دراسة مركز آش (5) الأخير لمدرسة هارفارد كينيدي يظهر أن الحزب الشيوعي الصيني (CPC) يصنف على أنه أكثر الحكومات دعمًا من قبل شعبه ويتخطى الولايات المتحدة بمراحل كبيرة في ذلك.
وعلى الرغم من ذلك فحتى لو كانت التجربة التنموية الناجحة للصين قابلة للمشاركة مع بعض الدول النامية فإن أيديولوجية الصين ليست سهلة للتبني من قبل العديد من الدول التي تفضل النموذج الليبرالي والديمقراطي الشعبي في الغرب.
ولا، لم تعد الصين تدمر البيئة. فرغم أنها لا تزال أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم من حيث إجمالي الانبعاثات فلا يمثل نصيب الفرد من الانبعاثات في الصين سوى جزء ضئيل جداً مقارنة بالديمقراطيات المتقدمة. وبالإضافة لذلك، تقود الصين الآن العالم في مجال الطاقات المتجددة شاملةً الطاقة الشمسية، المائية وطاقة الرياح. وقد حولت شركة تيسلا الأمريكية العملاقة للسيارات الكهربائية الصين إلى أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم.
يطوق المذهب المكارثي الجديد (Neo-McCarthyism) إستراتيجية أمريكا للانفصال عن الصين من جميع الجبهات خاصةً التقنيات الحيوية. يبدو أن تعظيم مثل هذا الانفصال يأتي بنتائج عكسية أكثر فأكثر. وفقًا لتقرير فوربس (Forbes) (6) في ديسمبر 2021 أدى المنع العشوائي للتجارة والهجرة إلى الصين إلى نتائج عكسية مما أضر بربحية الشركات الأمريكية وتجمع المواهب المبتكرة ودفع الصين لتصبح أكثر اعتمادًا على الذات وأكثر جاذبية كوجهة استثمارية. ومن الأمثلة المماثلة استبعاد الصين من محطة الفضاء الدولية التي تقودها الولايات المتحدة منذ البداية. فتعمل الصين الآن بنجاح على بناء محطتها الفضائية بالكامل من تلقاء نفسها مما يؤكد بوضوح على انفتاحها المستقبلي على جميع الدول. (7).
يؤدي الانفصال المضاد للصين أيضًا إلى تفاقم مشكلة التضخم على مستوى المجتمع الأمريكي وذلك بسبب اضطرابات الطاقة والغذاء في حرب أوكرانيا مما أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة الضارة بالاقتصاد العالمي بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي فضلاً عن الإضرار بفرص الرئيس بايدن في الانتخابات النصفية.
لا، الصين لم تصل إلى ذروتها ولم تصبح عدوانية بشكل يائس كما يزعم هال براندز ومايكل بيكلي في كتاب “حيز الخطر: الصراع القادم مع الصين-Danger Zone: The Coming Conflict with China” لدار نشر “دبليو دبليو نورتون-W. W Norton” عام 2022 (8). ففي مواجهة العوامل الديموغرافية المتدهورة نجحت الصين في تشغيل العديد من المصانع الصينية بشكل تلقائي بالكامل باستخدام الروبوتات وأنظمة التحكم عن بعد. كما يمكنك رؤية مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية على الطراز الأمريكي؛ جرارات آلية بالكامل وحصادات عملاقة. وظهر أيضا المزيد من المتاجر ومحلات السوبر ماركت والفنادق التي تعمل بدون الحاجة لموظفين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أكبر وأسرع حملة تحضر للبشرية على قدم وساق حيث يتم ربط المراكز الحضرية التي يزيد عدد سكانها عن 200000 نسمة بأكبر شبكة قطارات عالية السرعة في العالم تبلغ 35000 كم (أكبر من بقية شبكات العالم مجتمعة) وستتضاعف إلى 70.000 كم بحلول عام 2035 مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية ومضاعفة الطبقة الوسطى المستهلكة في الصين إلى 800 مليون مواطن.
_____________________________________________________________
(1) 中国共产党第二十届中央领导机构 – 中共二十届中央领导机构成员简历–时政–人民网 (people.com.cn) 中国共产党第二十届中央委员 中国共产党第二十届中央委员会 – 维基百科,自由的百科全书 (wikipedia.org) (accessed on 26 October 2022)
(2) Moments before Hu Jintao was escorted out of Party Congress @CNA – (31) 【新版曝光】胡錦濤被架出去之前的畫面,转自CNA|【Newer】Moments before Hu Jintao was escorted out of Party Congress @CNA – YouTube (accessed on 26 October 2022)
(3) The 20th Party Congress Of CCP: Exploring the Possibility Of China Falling into the Tacitus Trap, The Geopolitics (TGP) – 12 October 2022 – The 20th Party Congress Of CCP: Exploring the Possibility Of China Falling into the Tacitus Trap – The Geopolitics (accessed on 27 Octoer, 2022)
(4) The Kindleberger Trap, Professor Joseph Nye, Harvard Kennedy School Ash Center, 9 January, 2017 The Kindleberger Trap | Belfer Center for Science and International Affairs (accessed on 27 October, 2022)
(5) Understanding CCP Resilience: Surveying Chinese Public Opinions through Time, Harvard Kennedy School Ash Center, July 2020 final_policy_brief_2021_edits.pdf (harvard.edu) (accessed on 26 October, 2022)
(6) U.S. Trade And Immigration Policies Toward China Have Backfired, Stuart Anderson, Forbes, 8 December, 2021- U.S. Trade And Immigration Policies Toward China Have Backfired (forbes.com) (accessed on 26 October, 2022)
(7) China invites all UN countries to use its future space station, CBC News of Canada, 31 May, 2018 China invites all UN countries to use its future space station | CBC News (accessed on 26 October, 2022)
(8) Danger Zone: The Coming Conflict with China, Hal Brands and Michael Beckley, W.W. Norton & Co., August 2022 – Free delivery worldwide on all books from Book Depository (accessed on 26 October 2022)
بقلم أندرو ك. ب. ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)
(الآراء الموضحة في هذا المقال هي وجهة نظر المؤلف فقط ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر World Geostrategic Insights).