قلم أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)

    Andrew-K.P.Leung_علي الرغم من الانكار والتلميح لاستحالة ذلك إلا أن هناك احتمالية ضئيلة في قيام حرب باردة جديدة بين الولايات المتحدة والصين.

    حيث اتفقت الأحزاب الأمريكية على الترويج “الخوف من الصين” باسم الأمن القومي والنظام الليبرالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة. ويتعرض حلفاء الولايات المتحدة للضغط لكي يقوموا بمعاونتها لردع الصين في كافة المجالات. وبدأوا باستهداف التجارة، بدءً بأشباه الموصلات المتطورة، الذكاء الاصطناعي (AI)، التكنولوجيا الحيوية والاستثمارات. ثم استهدفوا الأيديولوجيات بما فيها حقوق الإنسان والديمقراطية. تتعرض سلاسل التوريد والقيمة العالمية للاضطراب بالإضافة للتداعيات الناتجة عن جائحة Covid-19. وحيث تعد الصين الشريك التجاري الأكبر للعدد الأكبر من دول العالم فيجدون أنفسهم الآن في مأزق.

    هل سيحقق الاجتماع المقام عن بعد المقرر لبايدن-شي الشهر المقبل نتائج مجدية فيما يخص الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين؟

    لا تتلهف للنتائج. إليك السبب.

    يحذر كل من أندرو إريكسون – أستاذ الإستراتيجيات في معهد الدراسات البحرية الصينية التابع لكلية الحرب البحرية الأمريكية – وغابرييل كولينز – الحاصل على الزمالة في شؤون الطاقة والشؤون التنظيمية البيئية من معهد بيكر بوتس للسياسة العامة بجامعة رايس – من وصولنا لعقد من الخطر النابع عن القوة الصينية حيث أن بكين بدأت تدرك أن الوقت ليس في صالحها وتريد التصرف بسرعة على سبيل المثال في تايوان. لقد بدأت قطع دومينو اتفاقية AUKUS في السقوط للتو – يقول ستيفن والت محذراً في مجلة ” Foreign Policy ” ليوم 18 سبتمبر 2021 –.

    هل سيؤدي صاروخ الصين الجديد إلى التصعيد أم الاستقرار؟ تتسأل إيما أشفورد – الزميلة الكبري في مبادرة المشاركة الأمريكية الجديدة في مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن التابع لمجلس الأطلسي – وماثيو كرونيغ – نائب مدير مركز سكوكروفت – هل سيؤدي إطلاق الصين الناجح لنظام القصف المداري الجزئي (FOBS) إلي سباق في التسلح أم إلي علاقة ردع متبادلة أكثر استقرارًا؟ يمكن أن تتخطى قاعدة FOBS المسلحة نوويًا والقابلة للتحليق حول العالم أنظمة الدفاع الأمريكية المركزة في نصف الكرة الشمالي من خلال شن هجوم موجه عبر القطب الجنوبي.

    في هذا التنافس المحتوم – يجادل جون جـ ميرشايمر مؤسس نظرية “الواقعية الهجومية” في مجلة Foreign Affairs (نوفمبر / ديسمبر 2021) – بأن أمريكا والصين عالقتان في استراتيجية سياسة القوة العظمى. فمن خلال سياسة “المشاركة” ساعدت الولايات المتحدة الصين على مدى عقود على الاندماج في نظام التجارة العالمي معتقدةً بشكل خاطئ بأن الصين ستصبح أكثر ليبرالية مثل العديد من الدول الديموقراطية. لكن بدلاً من ذلك فوفقًا لميرشايمر “تواجه واشنطن الآن منافسها الأكثر ديناميكية والأكثر قوة في التاريخ الحديث”. “وهذا التنافس الجديد بين الولايات المتحدة والصين لن ينتهي في أي وقت قريب. في الواقع، فمن المرجح أن تزداد حدته مهما بدون أن يرتبط ذلك بمن يتولى رئاسة البيت الأبيض”.

    عن الحرب الباردة الجديدة  – يعلق هال براندز وجون جاديس في مجلة Foreign Affairs (نوفمبر / ديسمبر 2021) أن “صدي التاريخ” يذكرنا بالعلاقة الشبه مستقرة مع الاتحاد السوفيتي سابقا في ظل عقيدة التدمير المتبادل المؤكد والتي يمكن أن تقدم دليلًا علي التنافس الخفي “التكتوني” التي تقوم به الولايات المتحدة ضد الصين: “الإدارة الصبورة للتهديدات الداخلية لديمقراطيتنا فضلاً عن التسامح مع التناقضات الأخلاقية والجيوسياسية التي يمكن من خلالها الدفاع عن التنوع العالمي بشكل أكثر جدوى”.

    تتمحور الكثير من الآراء المعارضة للصين حول فكرة تجسيدها كمعتدي حازم غير راغب في اتباع نصيحة دنغ شياو بينغ الحكيمة “في إخفاء قدراتها الدفينة وانتظار الفرصة السانحة “. ويعتقد الكثيرين أن ممارساتها التجارية “المفترسة” المدعومة من الدولة تعرض الشركات الأجنبية للخطر. إن بنائها العسكري للجزر في بحر الصين الجنوبي يهدد “حرية الملاحة”. مبادرة الحزام والطريق الخاصة بها تضع البلدان المضيفة في فخ الديون الزائدة والتكلفة البيئية. وسياساتها في شين جيانغ وتايوان وهونغ كونغ تضحي بحقوق الإنسان والديمقراطية. كما يؤكد البعض أن الحزب الشيوعي الصيني يعتمد على العدوان الخارجي لتعزيز شرعيته.

    إن مثل هذا الآراء تتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة كانت على الدوام أكبر معتدٍ في العالم بلا منازع. فقد بلغت عدد السنوات التي قضتها في الحروب 225 من أصل 243 عامًا منذ تأسيسها في عام 1776 بما في ذلك الحروب الكارثية على العراق وأفغانستان والتي لازالت قائمة حتى الآن.

    كما تتجاهل هذه الآراء حقيقة أن الصين باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم يجعلها مرتبطة بشكل وثيق بدول العالم فلم تعد قادرة على “الاختباء والالتزام”. حيث أن اقتصادها يعد هبة للكثير من الشركات الأجنبية. فعلى الرغم من انفصال الكثيرون عن الصين إلا أنهم مستمرون في الانتاج للسوق الصين الضخم.

    تفكك الحزب الشيوعي الصيني. تم سن مجموعة من التشريعات الجديدة التي تستهدف الانتهاك و “النقل القسري” للملكية الفكرية. المزيد من القطاعات بما في ذلك الخدمات المالية مفتوحة بنسبة كبيرة للملكية الأجنبية. يعتبر بحر الصين الجنوبي شريانًا مهمًا لحياة الاقتصاد الصيني من التجارة الدولية وواردات الطاقة. ولذلك فإن الصين حريصة للغاية على إبقائه مفتوحاً وحراً. بغض النظر عن المطالب السيادية. إن الصين مجبرة على إقامة دفاعات ضد تطويق سلاسل الجزر الأولى والثانية (اقرأ القواعد الأمريكية في أوكيناوا وغوام) وكذلك مضيق ملقا الذي يسيطر عليه الأسطول الأمريكي السابع. من نواح عدة، تعد مبادرة الحزام والطريق الصينية أيضًا توجهاً للغرب حيث تمتد خطوط أنابيب الطاقة البرية عبر أوراسيا وروسيا.

    وعلى الرغم من الانتكاسات الأخيرة فلا يوجد شك في أن مشاريع مبادرة الحزام والطريق تلبي احتياجات البلدان المضيفة من البنية التحتية بما في ذلك محطات الطاقة والطرق العامة والطرق السريعة والمدارس والمستشفيات والاتصال الرقمي. كما تتحد هذه المشاريع مع حملة الأسهم الآخرين بما في ذلك البنك الدولي مما يخضعها لضمانات بيئية واجتماعية وحكومية أكثر صرامة (ESG) وتشمل هذه الضمانات الالتزام بالديون. كما يتعين على هذه المشاريع الآن أن تكون خالية من الفحم.

    أما بالنسبة لشين جيانغ وتايوان وهونغ كونغ فهناك قضايا حرجة تتعلق بالسيادة الوطنية والنزعة الانفصالية والإرهاب.

    بالنسبة لهونغ كونغ فبعد عامين من الفوضى من قبل المتظاهرين العدوانيين المحرضين من قبل قوي أجنبية، عادت المدينة إلى استقرار القانون والنظام تحت القوانين الرئيسية لدستور هونغ كونغ المصغر المكرس لضمان الأمن القومي. قم بزيارة الفصل السابع – إعادة النظر في الدولة ذات النظام الثنائي: منظور شخصي للحياة الواقعية في مدونة مختارات المفكر الديمقراطي الليبرالي من المملكة المتحدة بادي أشداون.

    وفي مقابل هذه الآراء المضادة فإن المجتمع المدني المؤيد للحكومة في الصين في ازدياد. ففي خلال أربعة أيام ضربت فيضانات غريبة مدينة تشنغتشو بمقاطعة خنان وقد ساعدت منظمة Blue Sky للإنقاذ ببكين – وهي جزء من أكبر منظمة إنقاذ مدنية غير ربحية في الصين – في إجلاء 200000 شخص من ويهوي وهي مدينة صغيرة قريبة. لطالما شاركت الملايين من المجموعات المتطوعة في عمليات الإغاثة الخطيرة في حالات الكوارث بما في ذلك 1.4 مليون متطوع خلال زلزال سيتشوان الهائل عام 2008. كما يساهمون في دور نشط في الحفاظ على البيئة والتخفيف من حدة الفقر والأنشطة المدنية الأخرى.

    وفقًا لتقرير حديث لمركز آش بجامعة هارفارد كينيدي فإن الحزب الشيوعي الصيني يحتل من جانب

    دعم الشعب لحكومته مرتبة تتعدى الولايات المتحدة في ذلك. وبذلك فهو بالكاد يحتاج إلى الاعتماد على العدوان الخارجي للحفاظ على شرعيته.

    كل ما يريده الحزب الآن هو تحقيق حلم الصين في تحقيق هدفي الذكرى المئوية ، تنمية اقتصاد معتدل الازدهار بحلول عام 2021 – الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني – وأن تصبح “قوية، ديمقراطية، متحضرة، متناغمة، ودولة اشتراكية حديثة “بحلول عام 2049 – الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية -. وقد نجح الحزب في تحقيق الهدف الأول عمليا.

    اذا كنت ترغب في الحصول على لمحة عن السبب في أن العلاقة البناءة مع الصين يمكن أن تعود بالنفع على كلا الجانبين يمكنك زيارة موقع YouTube ومشاهدة فيديو بعنوان لماذا يحتاج العالم إلى الصين بواسطة Cyrus Janssen وهو صانع محتوي ورجل أعمال أمريكي يقيم حاليا في كندا على الرغم من خلفيته المؤيدة للصين.

    مع وجود الحمض النووي لعقيدة الاستثنائية الأمريكية و المدينة المشرقة علي التل فمن غير المرجح أن تتنازل الولايات المتحدة – بصفتها الوصي على النظام الليبرالي العالمي – عن تقاسم السلطة مع الصين الصاعدة في ظل ما تدعوه “نظام استبدادي” لا تفهمه جيدًا. ومن غير المرجح أن يتغير هذا في أي وقت قريب حتى يتعلم كلا الجانبين كيفية التكيف مع بعضهما البعض. ربما عندما تتفوق الصين على الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2031 (وفقًا لـ Bloomberg Economics).

    وفيما يتعلق بالقوة الشاملة ففي نهاية المطاف وبينما يتعين على الصين معالجة المخاوف الحقيقية للغرب، تحتاج الولايات المتحدة إلى قبول فكرة التعادل تلك الحالة التي ستكون عندها القوي متساوية حيث أن الولايات المتحدة لم تعد على مسافة بعيدة من الآخرين كما تشير إيما أشفورد في مجلة Foreign Policy.

    المؤلف: أندرو ك. ب.  ليونغ (الخبير الدولي والاستراتيجي الصيني المستقل. رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة أندرو ليونج المحدودة للاستشارات والاستثمارات.)

    الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف فقط ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر World Geostrategic Insights).

    شاركها.